«الإخوان» وأمريكا.. أكاذيب وحقائق

تم نشره الجمعة 12 آب / أغسطس 2011 12:43 صباحاً
«الإخوان» وأمريكا.. أكاذيب وحقائق
عريب الرنتاوي

يجري تصوير ما يُشاع عن حوارات إخوانية- غربية (أمريكية بخاصة)، كما لو أن في الأمر «مؤامرة» حيكت خيوطها في ليل بهيم، هدفها زعزعة أعمدة الحكم والاستقرار في عدد من الدول والمجتمعات العربية.. وثمة عديد من الكتاب والسياسيين، الذي ترعرعوا في أحضان الغرب وحلفائه، كرّسوا جُلّ أوقاتهم مؤخراً، للتنبيه من هذه «المؤامرة» والتحذير من مراميها «الشريرة».. وبـ»نبرة» تثير الشفقة والرثاء، لكأني بهم يخشون خسارة «وكالتهم الحصرية» في التعامل مع واشنطن وعواصم الاتحاد الأوروبي، والتي استثمروها طيلة السنوات العشرين أو الخمس والعشرين التي انقضت على انتهاء الحرب الباردة، وتآكل جدار برلين ومن خلفه، المعسكر الاشتراكي بمجمله.

إن التطرق لدور الإخوان المسلمين في حراك الشوارع العربية الراهن، ومستقبل إسهامهم في الحياة السياسية العربية، يملي التوقف عند طبيعة علاقاتهم القديمة أو المتجددة، مع الغرب عموماً والولايات المتحدة، بشكل خاص، ولا بد في هذا السياق من ان تؤخذ بنظر الاعتبار، جملة من الوقائع والمعطيات، أهمها خمس هي:

أولاً: أن هذه الحوارات قائمة بالفعل، لا تنفع معها بيانات النفي والتكذيب... وهي دائرة بطرق غير مباشرة منذ سنوات، وهي مطلب لكثير من القوى، خصوصاً الإصلاحية منها، فليس من مصلحة للإصلاح والإصلاحيين، في أن تظل «القطيعة» هي السمة المميزة للعلاقة بين الغرب والحركات الإسلامية.. ويذكر كاتب هذه السطور، كم مرة تعرض فيها شخصياً للهجوم من قبل متحدثين غربيين أو ليبراليين عرب متطرفين، حين كان يقترح على بعض المؤتمرات الدولية والإقليمية، استضافة ممثلين عن الإخوان أو حماس أو حزب الله... اليوم تبدو الصورة مختلفة... وغداً ربما نكون أمام مشاهد جديدة مغايرة كلياً لما اعتدنا مشاهدته من حوارات عربية- غربية، من حيث طبيعة الوفود وهويتها، ولوائح الطعام والشراب في الرحلات والزيارات، إلى غير ما يمكن أن يترتب على حضور الجانب الإسلامي بقوة في هذه المحافل.

ثانياً: في المقابل، فإن المبالغة في تصوير «حجم التقارب» بين الإسلاميين والغرب، ليست أمراً بريئاً على الإطلاق.. بل هي حلقة في سلسلة متصلة من الجهود والمساعي التي يراد بها «شيطنة» الحركات الإسلامية واستهدافها بالعزل والحصار والإقصاء... في البدء كانت الاتهامات لهؤلاء بأنهم «متطرفون» ويتبنون خطاب «صدام الحضارات» ومشاركتهم في العملية السياسية سوف تفضي إلى انفضاض الغرب من حولنا واستعدائه لنا... الآن، يُصوّر الإسلاميون كحلفاء للغرب وعملاء له، يعملون على تنفيذ أجنداته، ويتواطؤون معه في سعيهم المحموم لاستلام السلطة... أو بكلمات أخرى، فان البعض يريد معاقبة هذه الحركات إن هي تطرفت أو اعتدلت، لا فرق.

ثالثاً: لا تخفي هذه الحركة سعيها الوصول إلى السلطة... وهل ثمة حزب سياسي، عقائدي أو غير عقائدي، «زاهد» في قضية السلطة... أليس مبرر وجود الحزب السياسي، هو الوصول إلى السلطة أو المشاركة فيها... أليست الحركات الإسلامية، أحزابا سياسية ومن حقها أن تعمل للوصول إلى السلطة، طالما أن وسائلها سلمية وشرعية؟... لماذا يحظر على الإسلاميين، ما هو مسموح لغيرهم؟.

رابعاً: ثم من قال أن العلاقة مع الغرب، هي من الكبائر عند الإسلاميين، ألم تأتلف الحركات الإسلامية على اختلافها وتعددها مع الغرب وحلفائه زمن الحرب الباردة ضد الخطر الشيوعي، وضد الناصريين والبعثيين واليساريين والقوميين في العالم العربي... مع أن هذا الغرب كان في تلك الأزمة أيضاً، رمزاً للاستكبار وحاضنة لإسرائيل وداعماً رئيسا لها ؟... هل ثمة ما يمنع من تجديد عرى ذاك التحالف، هل ثمة موقف شرعي يمنع ذلك ؟... ألم يتحالف الإسلاميون في العراق، سنة وشيعة، مع «الاحتلال والاستكبار»؟... ألم ينخرطوا في عملية سياسية أطلقتها فوهات المدافع الأمريكية في العراق... إن كانوا فعلوا ذلك بالأمس، وبشروط احتلالية صعبة، فلماذا لا يفعلونه اليوم، وبشروط أكثر مواءمة لهم؟.

خامساً: ألم يأتلف الإسلاميون مع «عملاء واشنطن» وأرباب الغرب في أكثر من ساحة وواقعة: الترابي مع جون غارنغ ومتمردي دارفور ومن قبلهم جعفر نميري... إخوان سوريا وعبدالحليم خدام... إسلاميو العراق وأحمد الجلبي... بعض إسلاميي لبنان وفقهائهم مع سمير جعجع والكتائب اللبنانية... إسلاميو اليمن (الإصلاح) وعلي عبدالله صالح، والقائمة تطول...إن كان الأمر كذلك، فلماذا نستكثر على الحركات الإسلامية هذه الأيام، أن تدخل في ائتلافات مع «الجيش» أو مع أنظمة أو حتى مع دوائر غربية... أليس هذا ما تفعله مختلف القوى السياسية والحزبية، الحكومات والمعارضات تقريباً، وهل «حرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس»؟!.

الإسلاميون العرب يتوزعون على حركات سياسية بامتياز، مهما تدثرت بلبوس إيديولوجي/ دعوي/ طهراني... لهم الحق في المناورة والمراوغة، فك التحالفات وبنائها... التقدم من السلطة والابتعاد عنها... المشاركة والمقاطعة... لهم الحق في الحوار والتفاوض مع لاعبين محليين وإقليميين ودوليين... وآخر ما يحق لحكام وحكومات دولنا العربية، هو أن اتهام هذه الحركات بالتواطؤ مع الغرب، حتى لا يقال فيهم: «رمتني بدائها وانسلّت»... أو لا تنه عن خلق وتأتي بمثله... إلى آخر عجز البيت المعروف.(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات