المستقبل للصين العظمى

على أثر سقوط الاتحاد السوفييتي ، وانفراد أميركا باعتبارها القوة الأعظم الوحيدة ، أخذ الإستراتيجيون الأميركيون في النظر إلى الصين باعتبارها التحدي القادم الذي يجب قصقصة جناحيه قبل أن يحلق في أجواء السياسة العالمية.
الصين كانت محظوظة جـداً ، ففي ذلك الوقت بالذات برز ما يسـمى (الإرهاب الإسلامي) الذي بلغ ذروتـه بهجمات 11 أيلول 2001 فحولت أميركا قوتها الخشنة والناعمة من الهدف الصيني إلى الهدف الإسلامي بإعلان ما سمي الحرب على الإرهاب.
كان ذلك من سـوء حظ أميركا التي خاضت حربين ضد العراق وأفغانستان ، فاسـتهلكت قواها البشرية والاقتصادية واستنزفت مواردها الماليـة ، وأضعفت مركزها على قمـة العالم ، وأعطت المارد الصيني فرصة التقـدم بهدوء إلى الأمام.
الاقتصاد الصيني أصبح الاقتصاد الثاني بعـد الاقتصاد الأميركي من حيث الحجـم وهو يلاحقه بسـرعة كبيـرة ، ولا يختلف المحللـون على ما إذا كـان سيتجاوز الاقتصاد الأميركي ، بل على عـدد السنوات اللازمة للوصول إلى تلك النتيجـة.
بقدر ما هي أميركا مدينة بل أكبر دولـة مدينة في العالـم ، فإن الصين دائنة بل أكبر دولة دائنة في العالم ، والعلاقة المالية بين الصين وأميركا علاقة دائن مع مديـن.
عدد السكان الكبير في الصين كان في السـابق عبئاً ولكنـه الآن أصبح ذخراً ، فالشعب الصيني شعب منتج وعنصر قـوة ، بل إن الاقتصاد الصيني هو اليوم أسرع اقتصاد في العالم بمقياس النمو السنوي.
ليس هذا فقط بل إن هناك قناعة تزداد انتشـاراً بأن الصين ستحل قريباً محل الولايات المتحدة كقـوة أولى. ويشير استطلاع دولي قامت به (بيو) إلى أن نسبة المواطنين الذين يتوقعون أن تتبـوأ الصين مركز الصـدارة قريباً تبلغ 32% في الهنـد ، 45% في روسيا ، 46% في أميركا نفسـها ، 47% في إسرائيل ، 63% في الصين ، 66% في بريطانيا و72% في فرنسا (مجلة تايم 8/8/2011).
هناك فـرق في السلوك العالمي ، فأميركا تفرض نفوذهـا اعتماداً على القوة الخشـنة ، والصين تمارس نفوذهـا اعتماداً على القـوة الناعمة.
يبقى أن أميركا ما زالت متفوقـة على الصين في ميادين التكنولوجيا والثقافـة والتعليم العالي والصحافـة والصحة ومسـتوى المعيشة والمؤسسات والحريات العامة.(الراي)